يمكن لـ”إيفانكا ترامب” أن توقف الحرب
يمنات
لطف الصراري
لا بد أن أميرة فيكتورية تحلم بقضاء شهر العسل في جزيرة كمران. لم لا؟ فقد كانت الجزيرة قبلة لأميرات التاج البريطاني حتى أواخر ستينيات القرن العشرين، عندما رفعت بريطانيا يدها عن اليمن ورحلت. في الواقع، لم ترحل بريطانيا عن اليمن وحسب، كانت شمسها التي لا تغيب تكتسي بصفرة الأفول في مستعمرات كثيرة حول العالم. من صفرة الأفول تلك، ظهرت أمريكا، كقرش عملاق ينتحل قفزة الدولفين.
في واحدة من تناولاته لانتقال الهيمنة السلس بين بريطانيا وأمريكا، يعتبر الصحافي البريطاني ذائع الصيت، روبرت فيسك، أن آخر دور سياسي كبير لعبته المملكة المتحدة في الشرق الأوسط، كان هندسة الإنقلاب على حكومة مصدق في إيران. رغم ذلك، أشركت أمريكا في هذا الدور كما يفعل صنائعي محتضر يريد أن يدرب ابنه على آخر أسرار المهنة قبل أن يموت. ويذكر فيسك في كتابه “الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة”، أنه حتى بعد ثورة الخميني ضد الشاه، كان الصحافيون الأمريكيون يحظون باهتمام قيادة الجمهورية الوليدة أكثر من الصحافيين البريطانيين. وفعلياً، فقد التهمت أمريكا الإرث الإمبراطوري بسرعة فائقة، وأعادت تدوير مفهوم الإستعمار مجزّئة إياه إلى مفاهيم متعددة.
أبرز هذه المفاهيم وأكثرها تضليلاً هو حفظ السلام الدولي. وعند النظر إلى ما تشهده منطقة الشرق الأوسط منذ ست سنوات، وما وصلت إليه الأوضاع في سوريا والعراق واليمن وليبيا، سوف نرى صورة استعمارية يصعب تركيب أجزائها وفق المفهوم القديم للاستعمار. هذا هو الجهد الأمريكي الذي استغرق عقوداً لتخليص صورة المحتل من الغطرسة التي كان يصطحبها نبلاء إنجلترا إلى مستعمرات التاج الملكي. ولا بد أن تلك النزعة الإستعلائية هي التي دفعت البريطانيين لتحويل جزيرة كمران من محجر صحي للحجاج نصت عليه معاهدة لوزان، إلى مستعمرة أشبه بالملكيات الخاصة للنبلاء.
يقال إن بريطانيا أعطت لنفسها حق امتلاك جزيرة كمران معتمدة على قوتها الحربية، وإنها عندما أجلت قواتها عن جنوب اليمن، دمرت منشآت كثيرة في الجزيرة، لكنها تركت ما يقارب عشرين ألف غزال على قيد الحياة. كان بإمكان أمريكا أن تستفيد من إرث المنشآت والمباني. كان يمكنها أن تستفيد من المطار الذي كانت خطوات الأميرات تزداد رشاقة كلما نزلن فيه وتنشقن هواء الجزيرة الساحر. كان يمكن لإيفانكا ترامب أن تفكر بترميم استراحة الملكة إليزابيث وحديقة باريس. كان يمكن أن تقنع أباها بإثناء حلفائه العرب عن إصرارهم على اقتحام الحديدة بالبوارج الحربية.
إيفانكا فتاة طيبة وتعرف كيف تسيطر على النزعات الإستعمارية التي يحاكيها أبوها على الطريقة التقليدية لملوك وأمراء القرن التاسع عشر. بإمكانها أن تحشد جيشاً من الأميرات الفيكتوريات اللواتي لم يستوعبن بعد أن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي مساره الرئيسي يفضي إلى عودة التحالف الإستعماري مع أمريكا، متخففاً من نزوع أنجيلا ميركل لمناهضة الحرب بنظراتها العدائية. يمكنها أيضاً حشد الدعم والتأييد من صفوف الأميرات العربيات اللواتي يمكن أن يفعلن شيئاً لإيقاف هذه الحرب فيما لو شعرت بعضهن بالامتعاض قليلاً.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا